البيان التقييمي لتوسي أوشينو
جمالية المتغيّر:
عمارة التكيّف
يكشف واقع العلاقة الحالية بين العمارة والبيئة الطبيعية ملامح تاريخنا المحلي والعالمي، إذ يضع الاستدامة والعدالة ضمن الأولويات التي كان يجب أن يعاد النظر فيها منذ فترة طويلة. وانطلاقاً من السياق الذي أتيت منه، نيجيريا، حيث نجد أن التزاحم على أفريقيا أدى إلى ترسخ جذور الاستعمار، كما أدى انتشار عمليات استخراج الموارد الطبيعية عبر القارة إلى محدودية وتيرة التنمية للقرون التي تلت ذلك، كما خلقت وفرضت جزءاً من الانقسام الذي نعرفه اليوم باسم الجنوب العالمي والشمال العالمي.
إن حالة الندرة في الجنوب العالمي خلقت ثقافة إعادة الاستخدام وإعادة التخصيص والابتكار والتعاون. وتقدم هذه الممارسات نموذجاً جديداً للتفكير، نموذجٌ نشأ من القلة بدلاً من الوفرة، نموذجٌ يستخدم المواد الطبيعية مع الإدراك بأن الترميم وإعادة البناء هي أمور أساسية وطبيعية ومحبذة. ويحتفي هذا النموذج بفكرة الزوال والمتغيّر، إذ لا يمكن لأي شيء أن يوجد كما هو بشكلٍ دائم، ويجب أن يتأقلم كل شيء في بيئتنا مع ظروف الندرة كي يتماشى مع واقعنا واحتياجاتنا – الأمر الذي يخلق بدوره عمارة متطورة ومتجددة.
وبهذا تكمن الإجابة عن كيفية بناء مستقبل مستدام في ظل حاضرنا غير المستقر في تقاليد العمارة والتصميم التي توارثناها عبر أجيالٍ عديدة والتي تستمر في التطور. وفي منطقة الجنوب العالمي نجد أن العديد من المهنيين والبنّائين والمجتمعات اتبعوا تقاليد قديمة في البناء تم تجاهلها بشكلٍ مقصود من قبل الاستعمار. إذ تعطي هذه الممارسات الأولوية والأهمية لفهم فكرة الزوال والتغيّر، والاستجابة الخلاقة مع محدودية الموارد، وسيكولوجية الجماعة التي تعد من أساسيات مستقبلنا المشترك.
وفي هذه الدورة المقبلة من ترينالي الشارقة للعمارة، سوف نستكشف حلول التصميم المنبثقة عن ظروف الندرة وكيف لها أن تُنير لنا طريقاً نحو الأمام لإعادة توجيه حوارنا الحالي عن الاستدامة. إن هذا المنظور الجديد يعطي الأولوية للحلول المبنية وفقاً للسياق، ولمشاركة الموارد، وإعادة استخدام المخلفات. وبينما يعتمد المفهوم العالمي الحالي للاستدامة على الابتكارات التقنية، سنقدم نحن أمثلة لأعمالٍ قائمةٍ على المفهوم الأساسي لإعادة البناء والتجديد الذي يؤكد على أهمية التدوير الذي رافقنا على مر العصور. حيث نستكشف تقنياتٍ مبتكرة تتبنى فكرة أن كل شيء مؤقت وقابلٌ للتطور والترميم- للعمل مع الطبيعية بدلاً من العمل ضدها.
إن هذه الدورة التي تأتي بعنوان "جمالية التغيّر" هي جهد تعاوني وجماعي، يجمع المعماريين والمصممين والفنانين والمخططين والباحثين القادمين من منطقة الجنوب العالمي ومن مناطق الشتات، من أجل إيجاد مستقبلٍ للعمارة التي تحتفي بالتقاليد المنسية في المنطقة، ومن أجل بناء تصورٍ لمستقبل يكون أسهل تحققاً وأكثر عدلاً واستدامةً.
للاطلاع على البيان الصحفي كاملاً، يرجى الضغط هنا.