حقوق الأجيال القادمة
في
25 مايو 2018 في البندقية، أعلن أدريان لحود، القيّم على الدورة الافتتاحية الأولى
من ترينالي السادس عشر في بينالي البندقية الشارقة للعمارة، عن الموضوع لجمهور من
الضيوف المدعوين لحضور معرض الفن المعماري الدولي:
تشكّل حقوق الأجيال القادمة دعوة لإعادة التفكير بشكل جذري في الإشكاليات الأساسية حول العمارة وقدرتها على خلق أنماط بديلة مستدامة من الوجود. شهدت العقود الأخيرة توسعاً هائلاً في الحقوق، إلا أن هذا التوسع فشل في معالجة التحديات طويلة الأمد الدائرة حول التغير البيئي واللامساواة. لقد ساهم التركيز على تحصيل الحق في الصحة والتعليم والإسكان باعتبارها حقوقاً فردية في التعتيم على الحقوق الجماعية مثل حقوق الطبيعة والحقوق البيئية، وفي الوقت ذاته، فإن اعتماد هذه الحقوق كمعايير أساسية للوجود البشري، من شأنه تقويض تعدديته في سبيل العيش ضمن الحد الأدنى من المعايير العالمية فحسب.
إنّ المفاهيم المسبقة التي يعبر عنها بأفكار أولية، كالمأوى مثلاً، توجه تفكيرنا في العمارة كمجرد شيء يحمينا من البيئة بلا ارتباط مع الفروقات المعيشية بين المجتمعات. وينطبق الشيء نفسه على مفاهيم عينية مثل المساكن التي يتم توزيعها بنفس الطريقة ومن قبل المؤسسات نفسها. هذا الإرث الاستعماري ما يزال يوجه رغباتنا وطموحاتنا ضمن إطار المنهج والمهنة. إن أي مشروع تحرري يجب أن ينطلق من فهم هذه الحالة.
تتساءل حقوق أجيال القادمة عن كيفية تناقل الإرث والتراث والحالة البيئة من جيل إلى جيل، وكيف أنّ القرارات الحالية لها عواقب طويلة الأثر على الأجيال، وكيف أنّ رؤى أخرى حول التعايش، بما فيها تلك الأصلية، قد تتحدى وجهات النظر الغربية المهيمنة. وبالانتقال إلى مفاهيم بديلة للعمارة والبيئة، سيركز ترينالي الشارقة للعمارة على المحطات التي تتضافر فيها التجارب بمخرجاتها المعمارية والمؤسسية لتوليد حقائق اجتماعية جديدة. إن قوة العمارة هي في الأساس اقتراحية وتعليمية. ويشكّل التصميم فرصة لإيجاد أنماط بديلة للوجود، بما في ذلك إرساء مفاهيم جديدة حول ماهية المباني والمدن والمناظر الطبيعية والأقاليم. وبهدف تحقيق ذلك بفاعلية، يجب على العمارة أن تجد طرقاً للعمل جنباً إلى جنب مع المؤسسات القادرة على تنظيم البروتوكولات، والعادات والطقوس التي تعيد تنظيم الحياة وفقاً لهذه الأفكار الجديدة.
وأوضح لحود أن الموضوع يبرز كمقترح جذري وسط تخبطات الشعوب الأصلية والقانون الدولي: إذ تهدف حقوق الأجيال القادمة في الأساس إلى تحدي الطريقة التي نفكر بها في تصميم المجتمعات والبيئات، ومع تداعياتها المهمة على العمارة والتحضر والتخطيط الحضري. إن استكشاف هذا المفهوم سواء ضمن سياق العالم العربي أو مناطق الجنوب يشكل صلب الدورة الافتتاحية من ترينالي الشارقة للعمارة.
وقد أكّد لحود أن الترينالي يعتزم تسخير دورته الافتتاحية الأولى لإنشاء منصة للحوار بين جيل من المعماريين الناشئين من جميع أنحاء المنطقة وبلاد الاغتراب، مدفوعاً بالظروف الصعبة التي يواجهها المعماريون والعلماء والمخططون والفنانون في منطقة الشرق الأوسط وشمال وشرق إفريقيا وجنوب وجنوب شرق آسيا، من ناحية النقص الكامل أوالجزئي في مخزون الأرشيف، إلى القيود المفروضة على السفر أو غياب الدعم المؤسسي.